قصصقصص تاريخيةقصص للأطفالقصص واقعيةمفالاتمقالاتمنوعات
قصة الجمل الطيب والأشرار الثلاثة
قصة الجمل الطيب والأشرار الثلاثة
كَان ياما كَان فِي غَابَة بَعيدَة مُنْذ زَمان ، كَان هُنَاك أَسَد قُوَِّي الْبِنْيَة طَيِّب الْقَلْب يُحِبُّه الْجَمِيع ، يَعِيش فِي وَسَط مَمْلَكَتِه الْهَادِئَة سَعِيدَا مُرْتَاح الْبال مَع جَمِيع الْحَيَوَانَات الَّتِي تُحِبُّه و تَقَدُّرَه و تَكُن لَه التَّقْدير و الْاِحْتِرَام . و كَان لِهَذَا الْأَسَد ثَلاثَة أصدقاء هُم الذِّئْب و الثَّعْلَب و الْغُرَاب و قَد اِتَّسَمُوا بِالدَّهاء وَالْحِيلَة و كَانُوا يَتَقَرَّبُون لِلْأَسَد بِفَضْل تَمَلُّقِهُم لَه فَكُلَّمَا حَاز الْأَسَد غَنِيمَة جَدِيدَة اِنْتَظَرُوا حَتَّى اِنْتَهَى مِن طَعَامِه ثُمّ أَكَلُوا مَا تَبْقَى مِنْه و إِذَا جُلِس الْأَسَد فِي عَرِينَة اُلْتُفُّوا جَمِيعا حَوَالَه و اخذوا يُقَصُّون عَلَيه حِكَايََات مُسَلِّيَة و فُكَاهََات طَرِيفَة فَأُحِبُّهُم الْأَسَد و قُرْبُهُم مِنْه لِأَنَّهُم كَانُوا يُدْخَلُون السُّرُور إِلَى قَلْبِه وَأَصْبَح الْأَسَد لَا يَقْوَى عَلَى فِرَاق أَصْحَابِه الثَّلاثَة أَبَدا .
وَفَى يَوْم مِن الْأيَّام مُرَّت قَافِلَة تُجَارّ بِالْقُرْب مِن الْغَابَة الْهَادِئَة و تَأَخَّر جَمَل مِن الْجَمَال و عَجْز عَن اللِّحَاق بِأصدقائِه وَتَاه فِي الْغَابَة وَأَخَذ يَسِير هَائِمَا دُون هَدَف حَتَّى وَصْل إِلَى عَرِين الْأَسَد !
فِي الْبِدَايَة شُعِر الْجَمَل بِرُعْب و فَزَع شَدِيد عَنْدَما رَأَى الْأَسَد ، و لَكِنّ الْأَسَد الطَّيِّب قَال لَه : لَا تُخْف أَيُّهَا الْجَمَل لَن أَضُرَّك أَبَدا و لَكِنّ قُلّ لِي كَيْف وَصَلْت إِلَى هُنَا و مَاذَا تُرِيد .
اُطْمُئِنّ قَلْب الْجَمَل قَلِيلا و حَكَى قِصَّتُه لِلْأَسَد و ذَكَر لَه أَنّ كُلّ مَا يُرِيدُه هُو حِمَايَتُه فَقَال الْأَسَد أُعِدُّك بِحِمَايَتِك و رِعايَتُك فَأَنْت الْيَوْم فِي رعيتي بَل مِن أصدقائِي الْمُقَرَّبِين فَأَنْت ضَيْفُي فِي عَرِينِي الْيَوْم . فَرَح الْجَمَل و شُكْر الْأَسَد كَثِيرا لِكَرَّمَه و نُبَل أخْلاقَه و اُنْضُمّ الضَّيْف إِلَى مَجْلِس الْأَسَد و مَرََّات الْأيَّام و اِزْدَادَت الصَّدَاقَة و قُوِيت بَيْن الْجَمَل و الْأَسَد و تُوُطِّدْت عَلاَّقَتَهُمَا .
وَذَات يَوْم خُرِج الْأَسَد لِلصَّيْد و كَانَت فَرِيسَتُه هَذَا الْمَرَّة فِيلَا قَوِيَّا ، أَخَذ يُقَاتِل الْأَسَد و يُحَاوِل قَتْلُه حَتَّى أُصِيب الْأَسَد إصابَة بالِغَة و جُرِح جُرْحَا غَائِرَا فَعَاد و الدِّماء تَسِيل مِنْه و نَام فِي مَكَانِه و اُلْتُفّ حَوْلَه جَمِيع الْأصدقاء مُحاوِلِين مُدَاوَاة جروحه . ظَلّ الْأَسَد فِي فِرَاشِه أيَّاما لَا يُغَادِرْه أَبَدا بِدون طَعَام حَتَّى سَاءَت حالَتُه و اِصْبَح هَزِيلا ضَعِيفا فَظُهِرْت صَدَاقَة الذِّئْب و الثَّعْلَب و الْغُرَاب عَلَى حَقِيقَتِهَا .
صَدَاقَة مَصْلَحَة فَبِمُجَرَّد أَنّ مَرَض الْأَسَد وَلَم يَعْد شابا مِثْل قَبْل اِبْتَعَدُوا عَنْه فَكَان كُلّ اِعْتِمادِهُم عَلَى الْأَسَد فِي اِصْطِياد الطَّعَام و بِمُجَرَّد مَرَضِه تَخْلُو عَنْه هَؤُلَاء الأشرار . و لَكِنّ الْجَمَل الطَّيِّب كَان يَتَمَزَّق حُزْنَا عَلَى حال الْأَسَد و لَكِنَّه لَا يَمْلِك أَن يَفْعَل أَيّ شَيْء .
فِكْر الْجَمَل أَن يَذْهَب إِلَى أصدقاء الْأَسَد وَقَال لَهُم إِنّ حال مَلِك الْغَابَة فِي يزداد سُوء يَوْمَا بَعْد يَوْم و يُجِب عَلَيهُم أَن يَجِدُوا حلا سَرِيعا لِمُعَالَجَة الْأَسَد . و اُقْتُرِح عَلَيهُم أَن يَخْرُجُوا لِلصَّيْد و يَأْتُون بِفَرِيسَة يَأْكُل مِنْهَا الْأَسَد حَتَّى يُشْبِع و يَسْتَرِدّ صِحَّتُه و عَافِيَتَه وَبِذَلِك يَمَّكُنّ أَن يَرُدُّوا جَمِيل الْأَسَد عَلَيهُم .
فَقَال الثَّعْلَب الْمَكَّار : مَعَك حَقّ أَيُّهَا الْجَمَل الطَّيِّب وَلَكِنَّنَا ضعاف كَمَا تُرى لَا نقوى عَلَى السَّيْر خَطْوَة وَاحِدَة و لَا يُمْكِنْنَا الْخُرُوج لِلصَّيْد و لَكِنّ نَعُدُّك أَن نُحَاوِل حَلّ الْمُشَكَّلَة . و بِالْفِعْل اُجْتُمِع الْأصدقاء الثَّلاثَة وَاِتَّفَقُوا سويا عَلَى أَمْرا مَا ، وَذَهَبُوا إِلَى الْأَسَد فِي غِيَاب الْجَمَل و قَالُوا لَه إِنّ حالَتَه الصِّحِّيَّة سَاءَت كَثِيرَا و هُو بِحاجَة إِلَى وَلِيمَة يَسْتَرِدّ بِهَا صِحَّتَه ، فَاُقْتُرِحُوا عَلِيَّة أَن يَأْكُل الْجَمَل فَهُو صَيْد ثَمين وَفِير اللَّحْم و لَذِيذ ! وَلَكِنّ غَضَب الْأَسَد كَثِيرا و رَفْض ذَلِك و أُعْلِن إِخْلاَصَه وَوَفَائِه لِلْجَمَل .
حَاوَلُوا كَثِيرا أَن يَجْعَلُوه يُوَافِق ، و لِكَنَّة أُصِرّ عَلَى الْأرْض فَوَصَلُوا إِلَى فِكْرَة شِرِّيرَة خَبِيثَة . فَاُسْتُدْعُوا الْجَمَل ، و قَال لَه الثَّعْلَب إِنّ كَلاَمَك أَثِر فِينَا تَأْثِيرَا كَبِيرَا فَنَحْن جَمِيعَا فِدَاء لِمُوِّلَانَا الْمَلِك فَهَيَا نَعْرِض عَلَيه أَنَفْسُنَا حَتَّى يَخْتَار مَن يُرِيد أَن يَأْكُلَه . وَافَقَهُم الْجَمَل عَلَى هَذَا الرَّأْي و رَحْب بِه و ذُهِبُوا جَمِيعا إِلَى الْأَسَد و أَخَذ كُلّ مِنْهُم يَقُول إِنّ لِحَمِي سِيء يا مَوِّلَاي ، و لَوْلَا ذَلِك لِكُنْت أَكَلْتِنِي .
حَتَّى جَاء دَوْر الْجَمَل الَّذِي قَال أَمَّا أَنَا يا مَوِّلَاي فَلِحَمِي شَهِيّ وَوَفِير و يُمْكِنَك اِلْتِهَامَي حَتَّى تُشْبِع و تَشْفَى و تَسْتَرِدّ صِحَّتَك فَأَنْفُض عَلَيه الْجَمِيع و أَكَلُوه و هَكَذَا وُقِع الْجَمَل الطَّيِّب بَيْن الثُّلاثِيّ الْخَبِيث .