فضل شهر شعبان وليلة النصف من شعبان
سنّ الله الصيام في شهر رمضان، إلا أن هناك أيام يصومها العبد تطوعاً واقتداءً بنبينا الكريم-صلوات الله عليه- ومنها الصيام في شهر شعبان، فما فضل هذا الشهر بعينه؟ إليك فضل شهر شعبان وليلة النصف من شعبان من السنة النبوية.
فضل شهر شعبان وليلة النصف من شعبان
شهر شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة الهجرية، وهو الشهر الذي يلي رجب ويسبق رمضان.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: «وسمي شعبان لتشعبهم في طلب المياه أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام».
وينبغي على المسلم في هذا الشهر أن يتحلى بالطاعات التي تؤهله لمغفرة الرحمن، وأن يبتعد عن المعاصي والذنوب التي تحجبه عن هذه المغفرة. ومن هذه الذنوب: الشرك بالله، فإنه مانع من كل خير، ومنها الشحناء والحقد على المسلمين،
فهو يمنع المغفرة في أكثر أوقات المغفرة والرحمة.
فضائل شهر شعبان
تُرفع الأعمال فيه إلى الله عز وجل:
لما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ
مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: “ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ
إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ”.
كثرة صيام النبي ﷺ فيه:
ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ،
وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ”..
وفي رواية: “لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ”.
وفي رواية: “وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا”.
اقرأ ايضا هل صيام شهر شعبان سنة نبوية؟
فضل شهر شعبان وليلة النصف من شعبان
فضل شهر شعبان
إن عبادة الصوم من أعظم العبادات يظهر فيها الإخلاص والصبر في أعلى معانيهما وقد جعل الله لكل منهما من الأجر العظيم فكيف بعبادة تجمع بينهما لذا فقد نبهنا الله عز وجل إلى أهمية تلك العبادة وعظيم الأجر عليها في مواضع كثيرة.
ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل ” كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به ” وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي ” ” فتنة الرجل في أهله وولده وماله وجاره وتكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ” ” وحديثنا هنا المقصود به هو صوم النوافل”.
وكان صلى الله عليه وسلم يولي بعض الشهور أهمية خاصة فيخصها بالصيام ويكثر فيه منه ومن هذه الشهور شهر شعبان .
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله :” لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ذاك شهر تغفل عنه الناس بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ” رواه النسائي.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :” كان رسول الله يصوم ولا يفطر حتى نقول : ما في نفس رسول الله أن يفطر العام ، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفس رسول الله أن يصوم العام ، وكان أحب الصوم إليه في شعبان ” رواه الإمام أحمد.
وثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :” كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان “
فشهر شعبان شهر يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليه الصلاة والسلام لا يحب إلا طيباً فهو إذن شهر طيب مبارك وفيه استعداد للشهر الكريم بتكريم النفس وتهذيبها وتأديبها وتربيتها للاستعداد للشهر الكريم شهر رمضان حتى نستقبله ونحن له متأهبون بأرواح وقلوب طاهرة ونفوس عالية والعبادة فيه دعوة للطاعة والحب لرسول الله بأن نفعل ما كان يفعل وأن نحب ما كان يحب ولن يستقيم لنا إيمان إلا إذا كنا كما قال لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ” فهو شهر عرض الأعمال
فهو الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله تبارك وتعالى كما أخبرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة بن زيد السابق ذكره ويختمه بقوله عليه الصلاة والسلام ” وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ” .
إذن فإن شهر شعبان هو ختام العام بالنسبة لأعمالنا فكيف نحب أن نختمه وكيف نحب أن يكون حالنا حين يفتح الله عز وجل الصحائف لينظر ما فيها فإذا كان الإنسان صائماً لربه ألا يكون ذلك أدعى أن يتفضل الله تبارك وتعالى عليه بالمغفرة وأن يتجاوز عن ذنوبه ؟ أم يكون في حالة معصية فتضيع معها الطاعات التي قد يكون فعلها طوال عام مضى ؟ إذن فليتخير الإنسان أي نهاية يحب أن يكون عليها ويخير كيف يحب أن يكون حين يطلع الله عز وجل على صحيفة أعمال العام بأكمله؟
بين يدي من تقف ؟
وهذا الحديث النبوي ينبهنا إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم مع ربه في شهر شعبان ومن أكثر من المصطفى يدرك كيف يجب أن يكون الحال مع الله في هذا الشهر ـ أي حين تعرض الأعمال ـ فهو الصائم الحيي الذي يستحي أن يطلع الله عز وجل على صحيفة أعماله إلا وهو صائم .
فكيف إذن يجب أن يكون حالنا نحن ؟ ألا يكون الأولى بنا ونحن أصحاب الذنوب والتقصير في جنب الله أن نتمسك بهذه الطاعة في ذلك الوقت ؟
فكم من نعم نسينا أن نشكر الله عليها أو لم نشكره عليها حق شكرها ، وكم من نظرات خلسة قد تلصصت على الآخرين وكم من عبارات استمعت إليها أغضبت رب العالمين وكم من خطوات سرتها في غير طريقه وكم من صلوات فجر أخرتها عن موعدها وكم من وضوء لم تتمه وكم من واجبات قد قصرت في تأديتها وكم من مسلم ظلم ولم تساعد في رد مظلمته, وكم من كلمة حق كان يجب أن تقولها وخرس لسانك عنها, وكم من دم بريء أريق في بلاد المسلمين ولم تعلم به وكم من الأوقات مرت ولم تقضيها في ذكر الله, وكم من صوت رفعته ولم يكن للمناداة بنصرة شرع الله وكم من وقت بخلت به فلم تسير فيه لقضاء حوائج من بيدك قضاء حوائجهم, وقد قال بعض السلف ” أما أن تصلي صلاة تليق بالله جل جلاله أو أن تتخذ إلهاً تليق به صلاتك ” وبعد كل هذه العيوب والذنوب والتقصير ألا يجب أن نكون على طاعة يحبها الله ورسوله أثناء إطلاعه عز وجل على تلك الأعمال ؟ لقد فعلها رسول الله وعرف بين يدي من يقف ونحن أصحاب الذنوب أولى بذلك.
سنة نبوية ومغفرة للذنوب
فشهر شعبان بذلك هو سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان “فهو هدية من الله تعالى لعباده المؤمنين والمقصرين المذنبين كي يتوبوا ويعودوا إليه بتلك الأيام المباركة, ففيه ليلة عظيمة هي ليلة النصف من شعبان ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم عنها ” يطلع الله تبارك وتعالي إلي خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ” فهي فرصة للتصالح وفرصة لمحو الأحقاد والأضغان من القلوب تجاه أحبابنا وإخواننا كي يغفر الله عز وجل لنا مع من غفر لهم .
والصيام في هذا الشهر الكريم هو نافلة من أحب النوافل إلى الله ورسوله فيكون فاعلها ممن وعدهم الله بالوعد العظيم لأنه في هذه الحالة من أولياء الله ففي الحديث القدسي إن الله تعالى قال :” من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه“, ولأنه مقدمة لرمضان شهر الخير العظيم فيمكن أن نكثر فيه إلى جانب الصيام من قراءة القران وإخراج الصدقات والإكثار من عمل الخيرات.
قال أبو بكر البلخي شهر رجب شهر الزرع وشهر شعبان شهر السقي وشهر رمضان شهر الحصاد فكيف يحصد من لم يزرع ولم يسق ؟
ولا تكن من الغافلين
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ذلك شهر بين رجب ورمضان يغفل عنه الناس ” فالناس في كل الأزمنة قد تعهدوا شهر رجب بالعبادة حتى أنهم أحدثوا فيه البدع والخرافات وغفلوا عن شعبان والبعض الآخر لا يذكر العبادة إلا في شهر رمضان أصلاً فلا يذكر لا رجب ولا شعبان فالناس عنه في غفلة كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم . فلماذا لا نهرول إلى الله في وقت غفلة الناس لم لا نهاجر إليه بذنوبنا ومعاصينا وتقصيرنا ونمرغ أنوفنا بين يديه عسى أن يقبلنا فندخل شهر رمضان ونحن متطهرون من الذنوب أم أننا نقبل أن نكون مع الغافلين ؟وممن قال الله فيهم ” وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا “ وقوله عز وجل ” وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ” وقال أيضاً ” لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ” أعاذنا الله جميعاً أن نكون من أهل الغفلة ويجعلنا من أهل الله وخاصته وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وعلى الأبواب يقف شهر رمضان وفيه تفتح أبواب الجنة ولن يصل إليه إلا من شمر واجتهد واستعد وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يستعدون لرمضان قبله بستة أشهر والعبادة في رمضان لن تؤديها قلوب صدئة أو قلوب غافلة أو أجساد اعتادت الراحة إنما تحتاج لنفوس عالية تشبعت بكتاب الله في شعبان وسواعد امتدت بالصدقة وعيون بكت من خشية الله في ليالي شهر شعبان وأرواح سمت بالصيام فيه وكما أسلفنا أنه سقيا ما زرعنا في رجب كي نحصد في رمضان ولن يستوي من فعل مع من لم يفعل, فشعبان بمثابة دورة تدريبية تأهيلية لشهر رمضان شهر الفرقان على كل المستويات .
فعلى المستوى الإيماني والتعبدي نبدأ فيه بالتوبة الصادقة إلى الله والندم عن كل ما اقترفنه والعزم الأكيد على عدم العودة للذنوب والنية الصادقة في فعل كل ما يرضي الله من طاعات والإكثار فيه من دعاء اللهم بلغنا رمضان والإكثار من الصوم والتصدق وقراءة القرآن وصلاة الليل والناس نيام وتلبية نداءات الثلث الأخير من الليل ” نداءات الرحمن “،” ألا من تائب فأتوب عليه ألا من سائل فأعطيه ألا من مستغفر فاغفر له“, فإياك أن ينادي عليك الرحمن وأنت في غفلة عن ندائه وأنت في أشد ما تكون حاجة لتلبية النداء .
وعلى المستوى التعليمي نكثر من القراءة وسماع الأشرطة المفيدة في فقه الصيام مثلا وسماع خطب ودروس العلماء في الاستعداد لرمضان وكيف يكون ونكثر من حضور الدروس المسجدية وإذا كنا من حفاظ كتاب الله فنجعل لنا ورداً للمراجعة كي تساعدني في صلاة النوافل في رمضان بما حفظته من كتاب الله كي تتضاعف الحسنات.
وعلى المستوي الأسري تهيئة أهل البيت جميعاً لهذا الشهر الكريم بتوجيههم الأبناء والأزواج وتغيير شكل البيت بما يذكر الجميع بأننا في شهر شعبان البوابة الرئيسية لدخول شهر رمضان شهر الفرقان, وحبذا لو قمنا بتوزيع المطويات والكتيبات التي تذكر بتلك الأيام المباركة على الأهل والجيران ولنجعلها كالهدية البسيطة عسى أن يجمعنا الله جميعاً في الجنة إنه ولي وعلى ذلك قدير.
فضل ليلة النصف من شعبان
يطّلع فيها الله سبحانه وتعالى إلى جميع خلقه:
جعل الله سبحانه وتعالى لليلة النصف من شعبان مزية خاصة من حيث أنه جل في علاه يطِّلِع
فيها إلى جميع خلقه فيغفر لهم إلا مشرك حتى يدع شركه ويوحد الله تبارك وتعالى،
والمشاحن حتى يدع شحنائه ويصطلح مع من خاصمه.
فلقد روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
“إِنَّ اللَه تَعَالَى لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ”.
والمشاحن: أي مخاصم لمسلم أو مهاجر له.
وكذلك ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ: ” إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين،
ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه” ورواه الطبراني، وحسنه الألباني- رحمه الله- في صحيح الجامع برقم 771.
ولم يثبت في تخصيص ليلة النصف من شعبان صلاة معينة، أو دعاء معين، لا عن النبي ﷺ ولا عن أحد من أصحابه،
وأول ظهور لذلك كان من بعض التابعين.
وأما صيام النصف من شعبان فيُسن على أنه من الأيام البيض الثلاثة، وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر،
لا على أنه يوم النصف من شعبان، فإن حديث الصيام فيه لا يصلح للاحتجاج، بل هو حديث موضوع،
وهو قوله (إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها).
الصيام في شعبان فضائل وأحكام
شهر شعبان
سمي بهذا الاسم لتشعب الناس بحثاَ عن الكلأ والمرعى بعد قعودهم عن القتال في رجب
وقيل بل لتفرقهم وتشعبهم في طلب المياه
ويعزو بعضهم تسميته إلى تشعب الأغصان .
الصيام في شعبان :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان » رواه البخاري ومسلم
وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان ، وإنما كان يصوم أكثره .
ويشهد له ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : « ما علمته – تعني النبي صلى الله عليه وسلم – صام شهرا كله إلا رمضان »
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال :
« ذاك شهر تغفل الناس عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم » رواه النسائي .
قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .
ولعله يشير إلى الحديث الصحيح الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : ” إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ” رواه أبو داود .
فقوله (ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ) يشمل النوافل في الصلاة والزكاة والصيام أى أن النوافل جبر للنقص في الفريضة مع ملاحظة أنها ليست بديلا عنها فلا تغني عن الفريضة المكتوبة
وقوله « شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان »
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان – الشهر الحرام (رجب ) وشهر الصيام (رمضان ) – اشتغل الناس بهما عنه ، فصار مغفولا عنه ، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك .
وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة ، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة .
وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها :
-أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل ، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه ، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس ، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل ، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين .
وعند مسلم من حديث معقل بن يسار : ” العبادة في الهرْج كالهجرة إلي “
( أي العبادة في زمن الفتنة ؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق ) .
وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم – في شعبان على عدة أقوال :
1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها .
2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك ، وهذا يوافق ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم .
3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه .
وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه : ” ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ” رواه النسائي .
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط .
وقوله ( وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) إشارة إلى أن الأعمال بخواتيمها فلكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يختم السنة الإيمانية بالصيام في شعبان كما ابتدأها بالصيام في رمضان ، والصيام خير الأعمال ، وأعظمها أجرا
وهذا لا ينفي فضيلة بقية الأعمال الصالحة من قيام الليل والنوافل والذكر والدعاء …..الخ
الصيام في آخر شعبان
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه » أخرجه البخاري ومسلم
وبالجملة فحديث أبي هريرة – السالف الذكر – هو المعمول به عند كثير من العلماء ، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة ، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره .
* فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة
( لغير من له عادة سابقة بالصيام )
فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها :
أحدها : لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه ، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى ، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم . ولهذا نهي عن صيام يوم الشك .
تحريف أهل الكتاب للصيام
عندما فرض الله عليهم الصيام ثلاثين يوماً وصادف حراً شديداً تضايقوا منه فاجتمع علماؤهم ورؤساؤهم فجعلوه في فصل الربيع بين الشتاء والصيف وهذا هو النسيء الذي حرَّمه الله في القرآن ثم إنهم زادوا فيه عشرة أيام كفارة لضيقهم فصار الصيام عندهم أربعين يوماً، ثم إن ملكاً من ملوكهم اشتكى مرضاً نزل به فنذر لله إن برأ من وجعه أن يزيد في صومه أسبوعاً فبرأ فصار يصومها أي (47) يوماً، فلما توفي أمر الملك الذي جاء بعده بصيام ثلاثة أيام فصارت أيام الصيام (50) يوماً موزعة على أشهر السنة.
ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله .
قال عمار (من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم )
المعنى الثاني : الفصل بين صيام الفرض والنفل ، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع ، ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل ؛ لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام ، وهذا خطأ وجهل ممن ظنه .
والله تعالى أعلم .
حديث (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا )
قال الشافعية: لا يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة ، أو وصله بما قبل النصف .
قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص : 412) :
( باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس ) اهـ .
وذهب جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، وبناءً عليه قالوا : لا يكره الصيام بعد نصف شعبان .
قال الحافظ ابن حجر: وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ اهـ من فتح الباري .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال : هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني ، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف ، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/385) .
والخلاصة :أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ، إلا لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف .
والله تعالى أعلم .
الصيام في شعبان فضائل وأحكام
شهر شعبان
سمي بهذا الاسم لتشعب الناس بحثاَ عن الكلأ والمرعى بعد قعودهم عن القتال في رجب
وقيل بل لتفرقهم وتشعبهم في طلب المياه
ويعزو بعضهم تسميته إلى تشعب الأغصان .
الصيام في شعبان :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان » رواه البخاري ومسلم
وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان ، وإنما كان يصوم أكثره .
ويشهد له ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : « ما علمته – تعني النبي صلى الله عليه وسلم – صام شهرا كله إلا رمضان »
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال :
« ذاك شهر تغفل الناس عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم » رواه النسائي .
قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .
ولعله يشير إلى الحديث الصحيح الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : ” إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ” رواه أبو داود .
فقوله (ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ) يشمل النوافل في الصلاة والزكاة والصيام أى أن النوافل جبر للنقص في الفريضة مع ملاحظة أنها ليست بديلا عنها فلا تغني عن الفريضة المكتوبة
وقوله « شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان »
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان – الشهر الحرام (رجب ) وشهر الصيام (رمضان ) – اشتغل الناس بهما عنه ، فصار مغفولا عنه ، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك .
وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة ، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة .
وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها :
-أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل ، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه ، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس ، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل ، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين .
وعند مسلم من حديث معقل بن يسار : ” العبادة في الهرْج كالهجرة إلي “
( أي العبادة في زمن الفتنة ؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق ) .
وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم – في شعبان على عدة أقوال :
1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها .
2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك ، وهذا يوافق ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم .
3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه .
وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه : ” ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ” رواه النسائي .
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط .
وقوله ( وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) إشارة إلى أن الأعمال بخواتيمها فلكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يختم السنة الإيمانية بالصيام في شعبان كما ابتدأها بالصيام في رمضان ، والصيام خير الأعمال ، وأعظمها أجرا
وهذا لا ينفي فضيلة بقية الأعمال الصالحة من قيام الليل والنوافل والذكر والدعاء …..الخ
الصيام في آخر شعبان
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه » أخرجه البخاري ومسلم
وبالجملة فحديث أبي هريرة – السالف الذكر – هو المعمول به عند كثير من العلماء ، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة ، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره .
* فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة
( لغير من له عادة سابقة بالصيام )
فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها :
أحدها : لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه ، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى ، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم . ولهذا نهي عن صيام يوم الشك .
تحريف أهل الكتاب للصيام
عندما فرض الله عليهم الصيام ثلاثين يوماً وصادف حراً شديداً تضايقوا منه فاجتمع علماؤهم ورؤساؤهم فجعلوه في فصل الربيع بين الشتاء والصيف وهذا هو النسيء الذي حرَّمه الله في القرآن ثم إنهم زادوا فيه عشرة أيام كفارة لضيقهم فصار الصيام عندهم أربعين يوماً، ثم إن ملكاً من ملوكهم اشتكى مرضاً نزل به فنذر لله إن برأ من وجعه أن يزيد في صومه أسبوعاً فبرأ فصار يصومها أي (47) يوماً، فلما توفي أمر الملك الذي جاء بعده بصيام ثلاثة أيام فصارت أيام الصيام (50) يوماً موزعة على أشهر السنة.
ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله .
قال عمار (من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم )
المعنى الثاني : الفصل بين صيام الفرض والنفل ، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع ، ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .
وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل ؛ لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام ، وهذا خطأ وجهل ممن ظنه .
والله تعالى أعلم .
حديث (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا )
قال الشافعية: لا يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة ، أو وصله بما قبل النصف .
قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص : 412) :
( باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس ) اهـ .
وذهب جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، وبناءً عليه قالوا : لا يكره الصيام بعد نصف شعبان .
قال الحافظ ابن حجر: وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ اهـ من فتح الباري .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال : هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني ، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف ، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/385) .
والخلاصة :أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ، إلا لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف .
والله تعالى أعلم .